الحكومة تدعم والمواطن يدفع .. التاجر يكسب!
الدواجن .. الحكومة تدعم والمواطن يدفع .. التاجر يكسب!
كلمة الاقتصادية


هل هي موجة غلاء لا يمكن إيقافها؟ إنه سؤال المستهلك للجهات الرقابية، فمن حين إلى آخر تتجه الأسعار صعوداً نحو الأعلى وبصورة مفاجئة وبلا أي مقدمات حتى أصبحت هناك مساحات متنقلة للغلاء بين السلع وكأنه عزف على أوتار السلع الاستهلاكية على وجه الخصوص حتى وصلنا إلى أسعار الدواجن التي شهدت حركة ارتفاع في الأسعار، ما اعتبره المستهلكون تحدياً لقدرتهم على الامتناع عن شراء الدواجن، فتبادل بعض المستهلكين رسائل لمقاطعة شراء الدواجن، وهو امتحان ليس من اليسير تجاوزه مع أن لحوم الدواجن تدخل في قائمة أغذية طويلة وستؤثر في أسعار الغذاء بشكل عام.

لقد صرح **در مسؤول في وزارة الزراعة بأن الوزارة تخطط لمواجهة وكبح ارتفاع أسعار الدجاج من خلال تشجيع صناعة الدواجن والاستثمار فيها وزيادة منافذ الاستيراد، لأنه من وجهة نظر الوزارة التي عبّر عنها وكيلها المساعد للثروة الحيوانية، الأزمات تخلق الفرص الاستثمارية، وهو ما يؤمله المستهلك الذي يفهم هذا التصريح في سياق واحد فقط، وهو أن ارتفاع أسعار الدواجن لن ينخفض مرة أخرى إلا إذا وجدت استثمارات تزيد من حدة المنافسة في السوق، وهي منافسة ليست مضمونة النتائج ل**لحة المستهلك، فكل المؤشرات تعطي نتيجة واحدة هي أن هناك اتفاقاً على رفع الأسعار بين المنتجين وفي لحظة واحدة.

لم يعد هناك مَن يصدق أن الأمر كله خضوع لقواعد السوق، وهي العرض والطلب، فوزارة الزراعة تلقي اللوم على جهات أخرى مهمتها مراقبة الأسعار وتقول: ''منتجو الدواجن شأنهم شأن أي منتجين آخرين في أي صناعة أخرى، وأنه في حال عدم وجود أي مبرر من حيث العوامل المؤثرة الطارئة التي تؤثر في ارتفاع تكاليف الإنتاج، سواء الثابتة أو المتغيرة، فإنه لا يحق لهم زيادة الأسعار''.

وما دام الأمر كله يدور حول وجود المبرر فإن أي منتج يجد مبررات عدة، لكن هل تلك المبررات صحيحة أم لا؟ هذا ما نفتقده في قرارات الجهات الرقابية التي لا تقف على الحياد بين المنتج والمستهلك، لكنها تمرر ارتفاع الأسعار لحين التغلب عليها، وهو أمل لم يتحقق يوما، ما يفقد الثقة بقدرة الجهات الرقابية على كبح ارتفاع الأسعار في أي سلعة قد يصيبها داء الغلاء، وهو موقف لا تحسد عليه الجهات الرقابية التي تتمنى بقاء الأسعار في حدودها المعقولة ولا تستطيع اتخاذ قرار التسعير الإلزامي، بل لا يتم إخطارها به مسبقاً وكأنها آخر مَن يجب أن يعلم.

من الغريب في تراجيديا الأسعار لدينا أن الحكومة تدعم القطاع الخاص، وتتحمل جزءاً من التكلفة من أجل الإبقاء على الأسعار منخفضة، وهذا ليس زيفاً، بل حقيقة واقعة لا مجال لإنكارها، فعلى سبيل المثال وليس الحصر فقد صدر أمر ملكي بزيادة دعم الأعلاف ومدخلاتها بنسبة 50 في المائة بعد أن ارتفعت أسعار القمح والأعلاف في البورصات العالمية، وهنا ما يسأل عنه كل عاقل وهو: أين يذهب هذا الدعم بسبب زيادة الأسعار في البورصات العالمية؟ فمن الواجب أن يلتزم المنتجون بإبقاء الأسعار على حالها دون زيادة، فالدولة تتحمّل نصف التكلفة ومن حقها أن تعاقب كل مخل متكسب جشع.

إن قصة ارتفاع أسعار الأعلاف كمبرر لارتفاع أسعار الدواجن لا تخلو من فساد، فالدعم يصل إلى نصف التكلفة، لكن الرقابة ضعيفة بل منعدمة تماماً، ولن تزول علامات الاستفهام حتى يفهم المستهلك أين يذهب دعم الحكومة لمنتجي الدواجن، وإذا كان هذا الدعم لن يؤتي نتيجة فلا مبرر له، لأن الحكومة تدفع والمواطن يدفع أيضاً والكاسب هو التاجر الذي يعتبر الدعم تحسيناً لأحواله المادية فقط، فلا يزيده ذلك الدعم إلا قناعة بأنه على حق في رفع الأسعار؛ لأن **در الدعم الدولة .. فماذا للمستهلك من حق ليعترض على الأسعار الجديدة؟
المصدر: Forums


hgp;,lm j]ul ,hgl,h'k d]tu >> hgjh[v d;sf!